هي سلسلة مشتبكة لا تفترق حلقاتها فطفلة اليوم زوجة الغد وحماة بعد غد، ويبقى سكن الزوجية مشكلة المشكلات فهو إما في بيت الأهل -بيت العيلة- أو في ركن منفصل، قد يقطع معه الأرحام أو تتغرب معه الأجيال، وفي الحالة الأولى تتولد علاقة مختلفة بين الزوجة وحماتها، فهي متنازعة بين الخصوصية والحنية والأنانية، حيث ترى بعض الزوجات أن السكن -حتى وإن كان في شقة مستقلة- ضمن مبنى العائلة قد يهدم أسوار خصوصيتها وحياتها الأخرى مع زوجها وأولادها، في حين تراه أخريات فرصة للتعاون والإستفادة من قرب تواجد أم زوجها لتكون لها معينا في تربية الأطفال أو أعمال المنزل والإستفادة من خبراتها.
¤ منفعة متبادلــة:
* تقول م. ح: أنا وحماتي في علاقة منفعة متبادلة، فأنا أساعدها في بعض أمور المنزل التي تكون صعبة عليها بسبب كبر سنها وظروفها الصحية، بينما هي تكون عونا لي في تربية أولادي، والإعتناء بهم خاصة حينما أذهب لشراء بعض إحتياجاتي أو قضاء المصالح الخاصة بي يكونون في صحبتها وتحت رعايتها، وحينما تغيب عن المنزل وتذهب لزيارة أهلها أشعر بالوحدة والفراغ، خاصة وأن زوجي يتغيب ساعات طويلة عن المنزل بسبب ظروف عمله، فوجودها بالمنزل مهم جدا لي، رغم أنه كثيرا ما يحدث بيننا خلافات، ولا تتحقق لي الخصوصية الكاملة، ولكني تعودت على طباعها وهي أيضا تعودت على طباعي.
* أما ن. م فتقول: أقيم في بيت عيلة وبالطبع كنت أتمنى أن أكون في سكن مستقل، ولا زالت هذه الأمنية تراودني، ولكني مقتنعة بحرص زوجي على وجودنا بالقرب من والدته، لاسيما وأنها أرملة ومريضة وتحتاج وجودنا بجانبها، وأعمل مع زوجة أخي زوجي -سلفتي- على رعايتها وتوفير إحتياجاتها، إبتغاء مرضاة الله أولا، ورضا زوجي ثانيا، أما عن الخصوصية، فهي لا شك تكون منقوصة في بيت العيلة، وإخفاء بعض الأمور والإحتفاظ بسريتها يكون أمرًا في غاية الصعوبة.
*وتختلف عنها ح. س حيث تروي لنا: أنا وزوجي أقارب، ورغم أننا نسكن في شقة داخل منزل العائلة إلا أنني أتمتع بكامل خصوصيتي، فكل شقة مغلقة على أسرارها وتتمتع بحياتها في إستقلال عن الآخرين، فالجميع يتسم بعدم التدخل أو التطفل حتى ولو من باب المودة على الآخر، وكل أسرة تدير أمورها بإنفصال عن بقية العائلة التي تقطن معها بنفس العقار، ولكن يفيدنا السكن المتقارب في التواد وصلة الأرحام دون تدخل، وعلاقتي بحماتي علاقة فيها كثير من المودة أولا لأنها قريبتي، وثانيا أنها أم زوجي التي لها كل التقدير والاحترام.
¤ احترام الخصوصية:
* وتشاركها الرأي س. ع قائلة: حرصت منذ بداية زواجي وسكني في منزل عائلة زوجي أن أحدد خطوطا واضحة لا أسمح بتجاوزها فيما يتعلق بخصوصيتي، وأن أعيش مع زوجي بشكل مستقل في شقتي ولكن مع الحفاظ على مودة أهله والتواصل الإيجابي معهم، فأنا أدير أموري وأقضي متطلباتي وأمور منزلي بنفسي دون مساعدة من أم زوجي، ولكن أحرص في ذات الوقت أن أكون على علاقة طيبة وتواصل مع أهله فيما لا يتجاوز الخطوط التي وضعتها منذ البداية، وهذا أمر مريح بالنسبة لي ودونه لا يناسبني.
* وفي المقابل ترى هـ. ح: العلاقة مع أم الزوج وأقاربه في بيت العائلة تتوقف على مدى تقارب الشخصيات وإندماجها أو تنافرها، فأنا وأهل زوجي وخاصة أمه لسنا على توافق وكل منا له أسلوبه الخاص والمختلف في إدارة أموره ونظرته للأولويات، وأنا لا أقيم معهم في بيت عائلة ولكن حتى إن إضطرتنا الظروف لهذا، اعتقد أننا لن نندمج في أمور مشتركة وسيحافظ كل منا على أسلوبه بإستقلال وسنعيش كالغرباء في بيت واحد، أما لو كانت لنا طباع مشتركة فلا شك أننا كنا سنندمج سويا.
¤ دور الزوجـــة:
* ومن أهل المشورة والرأي قالت شيماء محمود إسماعيل خبيرة العلاقات الأسرية إن علاقة الزوجة بحماتها سواء كانت في بيت عيلة أو لا يتوقف على الزوجة نفسها فإذا أكرمت الزوجة والدة زوجها، وإحترمتها وقدرتها وإعتبرتها فى منزلة والدتها، لاشك أنها ستكسب مودتها ورضا زوجها، لذا تنصح الزوجة بترك إنطباع جيد لدى حماتها، كى تحبها كإحدى بناتها، كما يمكن أن تتخذ حماتها صديقة لها، وتشاركها فى تفاصيل يومها، بما لا يجرح خصوصيتها أو ينتهك أسرارها، ولكن من باب المشورة والإستفادة من خبرتها.
¤ إحسان الظن:
أما الدكتورة إليزابيث لومباردو الإختصاصية في علم النفس وصاحبة مجموعة من الكتب المشهورة عن العلاقات الأسرية فترى أن الزوجة أحيانا تجد صعوبة في التعبير عن نفسها، خاصة عندما تظهر مسألة ما شائكة بينها وبين حماتها وذلك يكون ناتجًا إما عن خوف من التعبير عن ما يدور في فكرها أو نابعاً عن الإحترام الزائد أو حتى عن شعورها بالإحباط لذا تخاطب الخبيرة كل زوجة قائلة: يجب أن تتبعي طريقا محايدا لا دفاعيا ولا هجوميا مع حماتك لتنعمي بعلاقة بعيدة عن المشاكل فالأمر يتطلب الصراحة والكثير من الإحترام المتبادل بين كلا الطرفين.
وتضيف: غالباً ما قد تجد الحماة نفسها تقدم بعض التعليقات على ترتيب المنزل ونظافته وترتيب المطبخ وغيرها من الأمور المتعلقة بأسلوب ترتيب زوجة الابن وقد تكون الحماة في الواقع ترغب في مساعدة زوجة إبنها وتهتم بمصلحة ابنها وراحته، إلا أن ما تفهمه الزوجة من ذلك هو أنها أسوأ مدبرة منزل على الإطلاق، وهنا على الزوجة أن تحسن الظن وأن تصبر وتحاول استيعاب الموقف بلا توتر.
تحقيق: أميرة زكي.
المصدر: موقع رسالة المرأة.